الخميس، 10 سبتمبر 2020

دنيا جدتي قصة قصيرة بقلم نونا محمد

قصة قصيرة ..
( دنيا جدتي )
وكم أحنّ لصمت دنيا جدتي..
لحنانٍ إحتوى عبرات خوفي
لحضنٍ إرتميتُ مابين حناياه
بكل آهات وجعي فوجدت دفء قلبي .
هناك في سكنات تلك الزاوية من حجرةٍ بسيطة التفاصيل كل مافيها ينطق بعبق الماضي بصدقه ونقائه بعيداً عن أقنعة زيف باتت تشكل واقعنا المميت .
كعادتها بعد أن تصلي الفجر على سجادةٍ مهترئة كحبات سبحتها القديمة العمر والتي تغفو بسلامٍ بجانب مصحفٍ كريم هو رفيق تسابيح جدتي ووردها اليومي بعد كل صلاة ...
يتردد صدى صوتها برجفةٍ تناسب سنين عمرها الستين ..
" يله يافتو.. الشاي جاهز أفردي السفرة وجهزي الفطور دحين أخوك حَمَتُّو.. يرجع من الصلاة ويبغا ياكل ويشرب الشاي .!!
يوم جديد وتكرار لأحداثٍ تنبض بالحياة لاتزال فذاكرتي
ترفض أن تنساها..!!،
جدتي هي من تكفلت بنا أنا وأخي بعد وفاة والديّ في حادثٍ مريع كنت لاأزال بجدائلٍ سوداء ترتمي كيُتمي على كتفيّ طفولتي
وعندما شاهدتها أمامي عدوتُ بكل ما بداخلي من وجعٍ لأستكين بخوفٍ مابين ذراعيها فكانت جدتي شاطئ الآمان لسنين عمري .
" يابنتي خلي بالك فنجان الشاي حار - وهّ- يافتو..
إيش حتسوي في بيت زوجك يادلع بنات الأيام هادي.."
وكان أخي يبتسم لحديثها بمفرداتها الحجازية الجميلة فهي من مواليد مكة لكنها إنتقلت لجدة لتسكن معنا بعد تلك الحادثة.
" لا تخافي ياجدّة ،،
محمد.. إبن عمي رجال طيب وأكيد حيصبر على فتو.. ويطول باله."
كم كانت كلماتهم تزعجني حينئذٍ فكنتُ أرفض تناول الطعام وأذهب بغضبٍ لحجرتي ولكنها بهدوء كانت تأتي ورائي وتقبل جبهتي بحب فيختفي كل مابي من غضب فمن يرى تجاعيد طيبتها المحفورة في إرتعاشةِ صوتها لايقوى على شيء سوى حبها وبلا حدود.
آهٍ يا دنيا جدتي كم أشتاق لرائحةِ أمسي معكِ لحكاياكِ قبل النوم لأنين دعائكِ عندما يُصيبني المرض وسعادتكِ يوم زفافي على محمد ..
" مالك يافتو.. الدكتوره بتنادي عليكِ حبيبتي ."
نظرتُ لأعلى فرايت وجه زوجي يحتويني بحب
وبصمت وضعتُ يدي على بطني وكأنني أحملهُ ذاك الساكن في أحشائي .
ومسحتُ دمعةً إنسابت على وجنتي كغمامةِ ذكرى
تساقطت على قلبي بقطرات ماضٍ لازال يعششُ بداخلي ..
فياحنيني لدنياكِ جدتي ولفنجان شاي بعطر أنفاسكِ ياريحة من جنة ربي .
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏أشخاص يجلسون‏‏‏، ‏نص مفاده '‏دنيا جدتي.. بقلمي.. نونا محمد 晚‏'‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق