................................................................
معروف صلاح أحمد
شاعر الفردوس
يكتب : ( شَاطِىء النَّجَاة )
----------------------
( شَاطِيءُ النَّجَاةِ )
النَّدَى يسقطُ منْ شُرَّاعَةِ بيتِكَ
واجِمًا فِي الشَّارِعِ المُوَازِي
فتلمَعُ المُقلتَانُ بالتوارِي
تتوَالَى للموْزِ والعنَبِ
تتمَارَى للفرْشِ بِالعُشْبِ
تتَهَلْلُ الأسَارِيرُ بِطَمْسِ الوَقْتِ
يتَبَلْلُ وَجْهُ الصَّوْتِ بِالصَّمْتِ
تهْتزُّ عَتَبَاتُ البيْتِ بِالسَّمْتِ
تتآكَلُ جُدْرَانُ الزيْفِ بِالكبْتِ
يعضُّنِي زلزالُ القهْرِ بالسَّهَرِ والحُمَّى
التَفِتُ بالأسَفِ والعَسْفِ والغُمَّة
فأنادِي عليكِ منْ كِوِّة الدَّهْرِ بِالعَنتِ
تعَالَي هنَا قفِي أمَامِي ارْكَعِي لموْلَاكِ
وابعِدِي عنَّي الغمَّ فِي هَزِيجِ الشِّعْرِ
اقبعِي هُنَا فِي الَبيْتِ تَعَطَّرِي بِالذَّاتِ
تزيَّنِي كُونِي امرَأةً بالخفقانِ والوجْدِ
اعْكِسِي الضَّوْءَ كمِرْآةٍ للكونِ
لِكلِّ الصَّبَاحَاتِ توَرَّدِي بِالغَدِ
لا تغَادِرِي جَمَال العِشْقِ بِاليقظَانِ
اكْسِرِى فتحَةَ السَّدِ بالذوبَان والمَدِّ
حفْنَةُ الحِنَّاءِ منْ يَديْكِ ضَعِيها كَالقُبُلات
على مَفْرَقِ الشَّعْرِ واللُّمَّة
لوِّنيِهِ بالأصْفَرِ والقُرُنْفُلِ
والجَدَائلَ ابْزُغِيها رتِّبِيهَا لا تمنعيهَا
منْ جفْوةِ الوَصْلِ فِى الحِدَاد
علميهَا كيف تزدانُ فى السَّوَاد
ضعِي قَدَّ الوشْمِ على بيَاضِ الجِسْمِ
بِحُقْنَةِ الويلِ و وَغْزَةِ البشَمِ
وحبَّاتِ القلبِ غَطِّي البدنَ بِالمِكْياجِ والبودرَة
لا تقنطِي للقحْطِ واحتشِمِي
لا تتحجَّري بالحَزْمِ فِي لحْظَةِ الحَسْمِ
طِيبِي كَالمُرَبَّاتِ والعَصَائِرِ والرُّطَبِ
تجَرْجَرِي بالشَّدِّ .. أفلتِي بِالجَّذْبِ
تدحْرَجِي كالبُرْتُقالِ .. طِيرِي كالدُّخَانِ
احْمَرِّي كَالتفَّاحِ .. اخضَّرِي كالتَّمْرِ
قفِي على الأشجارِ .. التفِّي كَالغصْنِ بالثمَرِ
امطرِي فرشَاةَ أسْنَانِكِ بِلعَابِكِ العَذْبِ
رضَابُك سكَّرٌ معْسُولٌ بلُجَيِّنِ الحَفْر
بقواطِعِ الفحْتِ وطَحْنِ قطَرَاتِ الشَّهْدِ
تسِيلُ ضُرُوسُ الهَتْكِ تفكُّ الخيطَ فِي العُقَدِ
حينَ يتناغَمُ مَعَهُا لِسَانِي البتُولُ فِي الثَّغْرِ
فِي صُوفيَّةِ الخَجَلِ النَّرْجِسِيَّة
أتوَكَأُ عَلى هَامِشِ المَعَانِي بِأريَحِيَّة
لأْنسُجَ فِي سحْرِكِ قَصِيدةً شاعِريَّة
ببدِيعِ مُحَسِّنَاتِ الخَيَالِ والمَلائِكيَّة
فتضْرِبُنِي الطَّلقَاتُ منْ فَمِ مُسدَّسِكِ
الوَبيلِ الموجَّهُ للمشْرَبيَّةِ بِالعَنْجَهيَّة
وتطْرِبُنِي النَّغَمَاتُ وتلْسَعُنِي القَرَصَاتُ
من مُحيَّاكِ النَّبيلِ مَلِكةَ النَّحْلاتِ بالسِّحْرِ
وتَحُومُ الميَاهُ منْ حولِي بجدَاولِ العرْفَان
واسْلُكِي سُبَلَ الرَّشَادِ إِلى ربِّكِ المِيعَاد
فلا تتوقَّفِي بينَ العِمَادِ فِي المَسَاءَاتِ
فأنَا لا أغضبُ بالقربانِ واتحَجْرُ كالمُرجَانِ
لا أصْفُو كالقُرصَانِ بالهمَزَاتِ واللمَزَاتِ
أتهَجْدُ كالكُهَّانِ لبرَاعِمِ الشتَلاتِ
أَنسَحِبُ إليكِ كقطَارٍ بِلا قضبَان
وأَتهَزْهزُ إلى محَطَّاتِكِ بَامتنَانِ
أتدثرُ بحِكْمَةِ غَاندِي الهنديَّة
تمثال بُوذَا ينادينِي لا للهمَجِيَّة
قربَانُ هابِيلٍ يمنعُنِي منَ المَحْرَقةِ بحُرِّيَّة
فقد اقتدَتِ الحِكْمَةُ الألهيَّة
أنْ تصنَعُكِ نموذجًا فرِيدًا لأُنثَى مِثَاليَّة
لا تتسَكَّعُ على كلِّ الدرُوبِ المزْدِكيَّة
ولاتتَلصَّصُ فِي الشّقُوقِ بِلا هوِيَّة
لا تتخَطَّى كلَّ الحدُودِ إلا بنُورَانيَّة
فى فضَاءِ دربِي ببستَانِ بيتِي كغَجَرِيَّة
فتئْتِ القلبَ فانفتقَ فأكلَتْهُ الغيُومُ بمسْرجيَّة
وأخبئَتْهُ فيكِ شذَرَاتُ النَّرْجِسيَّة
لم يتبقَ بالفتقِ إلَّا الرُّوحُ العسْجَدِيَّة
حبيتِي لا جسَدَ لهَا بلْ أفْكَارٌ مخْمَليَّة
أرَاهَا فِي أجنِحَةِ النُّسُورِ الغَضِّة الطَّرِيَّة
تعَافِي الكسُورَ وتجبرُ المُصَابَ
فى الألقِ بمشَاهدَ مسْرَحِيَّة
كبَاشِقٍ ارْتَدَّ لا يعُودُ لأدْرَاجِهِ بغزَليَّة
فلا تمْتَهنِي الهرُوبَ منَ المسَافاتِ البَضَّة
مِنْ على سحَابَاتِ أخَادِيدِ صَدْرِي بِالقضِيَّة
قفِي كالعِقبَانِ على أسقفِ الأسْطُحِ المنْزِليَّة
انشُرِي فيها الرَّبيعَ البَدِيعَ بشَقَائقِ النُّعْمَان
بالودَعِ الودِيعِ وبوَشْوشَاتِ الحَنَانِ
للخمَائلِ الوَاحَاتِ والجَدَاولِ البَدَويَّة
قولِيْ ( لا ) للودَاعِ الأخِيرِ يا مجدَلِيَّة
تشفَّعِي بالرَّمْزِّيَّةِ وتلفَّحِي بِالعصْرِيَّة
لا تقطعِي أسلاكِ الرَّحِيلِ والإقامَةِ الجبْرِيَّة
انخَجِلِي بِذاكِرَةِ الأسْمَاكِ اسبقينِي كالغُزْلانِ
توحَّدِي كالقطْعَانِ وانْدسِّي تَحْتَ جلْدِي
لا تخَافِي منْ همْسِ الغُرُوبِ إِذا التقيْنَا
حلِّقِي دُورِي انصَبِّي على ثغْرِي انفَجِرِي
بِالقُبُلاتِ الهَامِسَةِ والضَّاحِكَةِ والبَاكيَة
فشاطِئِي الجِنَانُ والصَّهْدُ مولعٌ بِالبَيَانِ
ولوَاعِجِ الوَلَهِ والغَرَامِ ولهِيبِ نَعْسَانِ
يستَوْقفنِي دائمًا ظلُّكِ اليَرَاعُ فِي العَنَانِ
وتشكِيلِ فرُوعِكِ بالأحْضَانِ اللوْلَبيَّة
ونبُوغُكِ وامتِشَاقكِ كالأغْصَانِ
حينَ تنْسَلِّينَ كعُصْفُورِالبَانِ
بمُعَانقَةِ مُوسِيقَا أميرِالجَاِن
حينَ تنَامِينَ بعِطْرِي على الخَدَّينِ
فتنفرِجُ الوجْنَتَانُ مِن لمْسَتيْنِ
وتحْلُمِينَ بضِفَافِ رِجُولتِي الجنْبَينِ
وعنَاقيدِ فُحُولتِي على النهْدَيْنِ
فتقطَعِينَ وَتَرَ الشُّريَانِ والدَّمُ فِي سَرَيَانِ
تتعَرْبَدِينَ وتصِيحِينَ انقذْنِي
يَا موْلَاىَ من الوترَيْنِ والشدْقَينِ
اجْعَلُنِي كسَنَا البَرْقِ انْسُلْنِي بينَ يَدَيْكَ
احْمِنِي منْ جَوَاهِرِ نفْسِي ومن الكَنزَيْنِ
احبسْنِي للأَمْسِ اشْطُرْنِي إِلى نِصْفَينِ
نِصْفٌ فِيكَ ونِصْفٌ يُلاحِقُنِي بِأَحشَائِي
لا أُريدُ تَوَتُّرًا إلَّا معَكَ علَى صَعِيدِكَ الدَّافِيءِ
اقتلُنِي يَا حبيبِيَ الدَّافقِ بعَفَويَّة
اُغْفُنِي إِخْفِنِي فِيكَ بالصُّخُورِ المُرْجَانيَّة
اجْعَلْ بثُورَ ذقْنِكَ تطُوفُ عَلَى شَفَرَاتِ الغمَّازتيْنِ
أَزْلقنِي بِوحْشِيَّةٍ ارْعِدْنِي بتفَاصِيلِي الرَّصَّاصِيَّة
أَلحِقْنِي بِرَصَاصَاتك العَاطِفيَّة
أَمْطِرنِي بِسِهَامِكَ الرَّزَازِيَّة
اكتشفْ مخَابِئِي .. رَاوِدْ عنِّي تفَاصِيلِي
أَلحِقْ بِصدْرِي الهزيمَةَ.. إيَّاكَ أنْ تخْلَعَكَ منِّى
غَطِّنِي بمعَاطَفَكَ البنِّيِّةِ .. لفْلفْنِي فِي البَريَّة
عِظْنِي كمجْدِليَّةٍ .. ارْحَمْنِي كغَامِديَّة
ارْوِينِي كمَغْرِبيَّة .. لا تَدَعْنِّي أُورُبِّيَّة
غُطَّنِي فِيكَ بِغَصَاصَتِي النبيلَة
كُنْ حَلْقِي وَحَنْجَرَتِي المُثيرَة
وكَلامِي الذِي لا أَقُولُهُ فِي القصِيدَة
لرُبَّمَا قَتَلتْنِي الأفَاعي ومَا كُنْتِ البرِيئَة
خُذ القُوَامَةَ منِّي ولَا تُخَذِّلْنِي
كسَاقيَةِ النَّواعِي فِي جزِيرةِ الفضيلَة
ازْهِرْنِي ازْرَعْنِي انْحتنِي فِيكَ بِعبْقريَّة
فكَمْ حَلَمتَ بليلتِكَ القُرْمُزِيَّة
ولمْ أكُنْ عَجْفَاءَ مَرْمَرِيَّة
ألَا تَفتَرُشُنِي بِالوهَدَاتِ السُّفْلِيَّة ؟
ألا تُنْقِذُنِي منَ المَدَنِيَّةِ والرَّبَواتِ العُلْوِيَّة
لا أُريدُ أنْ أغْفوَ فيهَا بعنْصُرِيَّة
عُدْ بِي إلى حِصْنِ ذاتِكَ فإنِّي مُؤمنَةٌ بالقدَرِيَّة
بِأنِّي خُلِقْتُ لكَ طَازِجَةً بِسُؤْدُدِيَّة
وَهَذه عبَادَةٌ وَطَاعَةٌ وَصلاحٌ ومَنْهَجِيَّة
وَهَذَا مَدَاك فَاكتُبْنِي الهَاشِمِيَّة
زِدْنِي زَخْرِفْنِي بِمِحْبَرَتِكَ اللؤْلُؤيَّة
وَخْذْنِي وخّزِّنِي عنْهُمْ كَقِنِّينَةِ الخمْرِ
فعلَى جَمْرِ سِنِّ قلَمِكَ قَارُورَةٌ مَلكيَّة
فلَنْ نُغَادِرَ سويًّا إلا بموتِ الشَّبَكيَّة
حينَ لا ترَاكَ عينَاىَ المقْدِسيَّة
فإنِي لسْتُ هَامشِيَّةً وَلا أَتمَتَعُ بِعَصَبِيَّة
وإنى ولدْتُ بالقدْسِ الحَاضِرَةِ الأبيَّة
والقدْسُ عَرَبيَّةٌ وشَامِيَّةٌ وعَاصِمتِي الأبديَّة .
.........................................
معروف صلاح أحمد
شاعر الفردوس - القاهرة - مصر