حوار مع النفس
قصيدة
بقلم الدكتور محمد القصاص
من منبع الحبِّ إروي كأسنا ظمـــــأً *** واكتب على الرُّوحِ أحلامي وزكِّيهـا
وامض إلى النفسِ ذكرها إذا نسيَــتْ *** هل تنفعُ الميتَ أشعاري لأُلقيهــــــــا
وادع من الغيبِ أوهامي وخاطبَهَـــا *** واستمطرِ الغيمَ ألحاني تُلبيهــــــــــــا
واستعتبْ الطبعَ ولتخشى عواقبَـــــهُ *** والسيئاتِ إذا ما اسطعتَ جافيهـــــــا
واسكبْ على الشَّوقِ نيراني لتطفئُـهُ *** واستجديَ الرِّيحَ قبلَ الفجر تُنهيهــــا
هذا هو البوحُ في أعماقِ أوردتـــي *** جاءتْ به النَّفْسُ لم تُدركْ خوافيهــــا
بعضُ المشَاعر ألقيها مجلجلــــــــةً *** حينا لعمرُك أشقتني قوافيهـــــــــــــا
هذي الجداولُ من حولي تُحاورنــي *** إن كان شوقيَ بالأشعارِ يُثريهــــــــا
هذا محالٌ ، بأنْ أسلوك يا وطنــــي *** حتى المرابعَ ما زلنا نراعيهـــــــــــا
اسأل صدى الذَّاتِ هل يغفو فتدركُهُ *** تلكَ السُّنونُ وباقي العمرِ يُفنيهــــــــا
ما كل حيٍّ يرى في العيش أمنيــــةً *** إذا السُّويعاتُ فرَّتْ من ثوانيهـــــــــا
خالي الوفاضِ لمَ أشقيتني ألمــــــــا *** وارتابتْ العينُ إذْ جفَّت مآقيهـــــــــا
أرجهْ بحقك لا تقسو فتتعبنـــــــــي *** وارحمْ فؤاديَ لا يَشقى فيشقيهــــــــا
يا عاشق الزَّهرَ والنوارَ مـــن أزلٍ *** قد شاقك الثغرُ والتقبيلُ يُشجيهــــــــا
إرحم مُحِبَّا إذا ما نالهُ تعـــــــــــبٌ *** وامسحْ جروحا غدت بالنزف ترويها
أحاسبُ النفس إن تنأى مجافيــــــةً *** إذ يهجرُ البلبلُ الغرِّيدُ واديهـــــــــــا
دارِ صدى النفس لا تنأى وتهجرَها *** واروِ فؤاديَ أنَّى شئت وارويهـــــــا
كلُّ المحيطاتِ قد جزنا شواطئهَــــا *** واليومَ نندبُ أن جُزنا مراسيهــــــــا
يا شاطيءَ العمرِ هل أدنو فتذكَرَنِـي *** إني المتيمُ هل تدنو فتشفيهـــــــــــــا
قل لي بربكَ هل تدنو فتمنَحَنَـــــــــا *** شيئا من الودِّ إن أدنو أتُدنيهـــــــــــا
ظمآن والماءُ من حولي أغازلُــــــهُ *** عذبا فراتا بطعم الشَّهدِ ساقيهـــــــــا
قصيدتي اليوم لا توليكِ مَعْـــــــذِرَةً *** ولا حروفي لباغي الهجرِ تُوليهـــــا
أهجرْ كما شئتَ أو أنصف هنا قلمي *** وادعُ يَراعَك وليُنصفْ معانيهـــــــا
وحاذر العينَ لا تدمعْ فتحزننـــــــي *** وحاذر العتمَ أن يهجو لياليهـــــــــــا
سفينةَ العمر قد ولَّتْ بأشرعتـــــــي *** لا أدر والنفسُ قد ضلَّت مراسيهــــا
في شاطيء الحُزن أوقفنا مراكبنــا *** حتى يئسنا فراح العمرُ يُقصيهـــــــا
لن أدَّعي الودَّ ما جفتْ منابعُـــــــهُ *** فلتشتكي العينُ أنْ جفتْ مآقيهــــــــا