قصة بوليسية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الثالث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كنتُ كمن يجلسُ على الشوك ونحنُ ننتظرُ عودة المدير.أما زوجتي وردة فقد أعياها الصبر واندفعتْ نحو المطبخ لمساعدة زوجة المدير والتحدث إليها في أمر اختفاء إبنتنا.وانتظرنا قُرابة ساعتين ونصف حينَ ظهر أخيرا المدير وهو عبوس الوجه.وما أن جلس بالقرب منّا حتى شرعَ في الحديث قائلا وهو يكادُ يلهثُ:
ـــــــ لم أعثر عليه في شقَّته...لكن حارس العمارة أخبرني بأنَّ الأستاذ عبد الله طلبَ منه أنْ يخبر كل من يسألُ عنه أنهُ ذهب لزيارة والدته بمدينة آسفي لأن المرض اشتدَّ بها...
فصاحتْ زوجتي وهي تقوم من مكانها:
ـــــــ تلك مجرد كذبة...لقد اصطحبَ إبنتي معه ليفترسها...
فقاطعها المدير:
ــــــ لكني،يا سيدتي تحرَّيتُ عن الأمر وقال لي الحارس بأنَّ الأستاذ عبد الله لم يكنْ برفقته أحد،سواءً حين صعد لشقته أو حين نزل منها...
فقالتْ زوجتي بإصرار:
ــــــــ ربما قيَّدها ووضعها في صندوق السيارة...
فرأيتُ المدير يحاولُ أن يقولَ شيئا لكنهُ أحْجَمَ عن ذلك وسكت.فقالتْ زوجتي وهي توجِّهُ كلامها إلي:
ـــــــ علينا الذهاب إلى مركز الشرطة...لن أنام هذه الليلة حتى أعثر على إبنتي...
فقال الحارس:
ـــــــ سأترككما وأعود إلى منزلي...
فشكرنا المدير واعتذرنا على إزعاجه ثم غادرنا المنزل.وبعد أن قطعنا مسافة قليلة،قلتُ للحارس:
ـــــــ من فضلك،لو أجد عندك بعض المال لأنني نسيتُ محفظة نقودي في المنزل...
فأدخل يده في جيبه وأخرج ورقة نقدية من فئة 100 درهم وقدمها لي.فشكرته ووعدته بأني سأُعيدُ لهُ المبلغ غدا.ولما توقفت سيارة الأجرة لتُقِلَّنا،قال الحارس:
ـــــــ أنتما في حاجة إليها أكثر مني...سأنتظرُ حتى تظهر واحدة أخرى...كان الله في عونكما...
فشكرناه وصعدنا لسيارة الأجرة وطلبنا من السائق أن يقِلَّنا إلى مركز الشرطة.
وحينَ بلغنا إلى هُناك،استقبلنا شرطي بالزي الوظيفي ووجهه يَنِمُّ على الإشمئزاز والتوتر؛فلما أخبرَتْهُ زوجتي بسبب مجيئنا،مَدَّ ذراعه نحو داخل المركز وقال:
ـــــــ ليس هناك أحد...كلهم ذهبوا إلى مستودع الأموات...لقد عثروا على جثة طفلة بجانب واد سبو وقد قُطِّعتْ إلى أجزاء...
فقالتْ زوجتي بصوت مرتعد:
ــــــ اِبنتي؟...
فقال الشرطي بعصبية:
ــــــ كيف لي أن أعرف؟...ما عليكما إلا أن تذهبا إلى مستودع الأموات وتتحققا من ذلك...ستجدون هناك رئيس فرقة مُحاربة الجريمة...
فلم تنتظر زوجتي أنْ يُنهي كلامه وأخذتْ تجري دون أن تفتحَ المظلة هذه المرة أو تكترث للمطر الذي كان يتساقطُ بغزارة.فابتعدنا مسافة من مركز الشرطة حينَ أوقفنا سيارة أجرة وصعدنا إليها.وحين سمع السائق العنوان،ضغط على دوّاسة السرعة وهو يقول:
ـــــــ لقد مررتُ قبل قليل من قرب مستودع الأموات ورأيتُ هناك سيارات الأمن الوطني والوقاية المدنية...هل توفِّي أحد أقربائكم؟...
فقلتُ ببرودة:
ـــــــ لا نعرف بعد...
ومن نبرة صوتي أحسَّ بأننا لسنا في مزاج جيد ليواصل الحديث معنا،فاكتفى بالنظر إلى الطريق وقد ضاعف من السرعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب الشاعر مصطفى بلقائد.