الهَوَى الزّائِــرُ ... (من غزل الشّباب)
طَرَقَ الهَوَى بَابَ الفُؤَادِ مُؤَذِّنًا
بِرَحِيلِ صَبْرِي، قَاطِبًا وعَزَائِي
ورَمَى حِمَامُ الدَّهْرِ قَلْبِي بالنَّوَى
فَهَوَى صَرِيعًا، مُضْرَجًا بِدِمَاءِ
وأَبَـــادَ صَـوْتًا طَالَمَا سَجَعَتْ لَهُ
وَرْقَـــاءُ غَــابَةِ قَـلْـبي الفَــيْـحَاءِ
هَجَمَ الدُّجَى فِي غُرْفَتِي وتَكَاثَفَتْ
طَبَقَاتُ حُزْنِي، فَانْفَرَدْتُ بِدَائِي
وبَدَا شَرِيطُ الذِّكْرَيَاتِ يُزِيلُنِي
مِنْ عَالَمِي طَوْرًا إِلَى الـخُيَلَاءِ
ويَهُزُّنِي طَوْرًا فَيَبْعَثُ بالنُّهَى
فـِي هُوَّةِ مِنْ أَدْمُـعٍ وشَـقَــاءِ
سِرْتُ الهُوَيْنَا سَامِعًا وَجْسَ الحَشَا:
حُــكْــمٌ عَلَيَّ ورُقْيَةٌ لِشِفَائِي
وهَـوَاجِسٌ تَنْتَـابُنِي وحَقَائِــقٌ
تَنْأَى وتَقْـرُبُ، جَمَّةَ الأَنْــبَـاءِ
وتَفَرَّقَتْ بِيضُ الوُجُوهِ كَـأَنَّـهَا
نُـورُ الشُّـمُوعِ، بِـلَـيْلَـةٍ طَلْسَاءِ
أو أَنْجُـمُ اللَّيْلِ البَهِيمِ تَبَادَرَتْ
عِنْـدَ الصَّـفَاءِ، تَـلَأْلَأَتْ بِـــسَنَاءِ
فَشَكَتْ نُجُومُ اللَّيْلِ للبَدْرِ الّذِي
فِي جَـانِـبِي، لِيَصِيدَ جَمَّ هَنَائِي
وبَـدَا الأَخِـيرُ سُؤَالَهُ فَتَـسَمَّعَتْ
كُـــلُّ الجَوَارِحِ قَــوْلَــهُ بِــوَفَـــاءِ
فَسَبَى الفُــؤَادَ بِلَفْـظِهِ وسَنَائِهِ
وقَـــوَامِهِ وجَمَـــالِــــهِ الــوَضَّـــاءِ
أَتُرَاهُ طَيْفٌ أَمْ مَلَاكٌ طَاهِرُ
أو مُرْسِلُ الآهَاتِ للشُّعَرَاءِ؟
فِي عَيْنِهِ سَكَبَ الظَّلَامُ أَشُدَّهُ
والنُّـورُ حَوْلَهُ نَاثِرُ الأَضْوَاءِ
وتَـرَى مُحَيَّـاهُ الوَسِيمَ تَخَالُهُ
قَمَرَ السَّمَاءْ، ويَفُوقُهُ بِـقَـنَاءِ
وبِوَقْعِ دُرِّ اللَّفْظِ قَوْلًا هَامِسًا
عَذْبَ الوُقُوعِ، مُنَغَّمَ الإِمْلَاءِ
فَشَرِبْتُ كَأْسَ الحُبِّ مِنْهُ مُتْرَعًا
حَتَّى الثُّمَالَة، فَارْتَوَتْ أَرْجَائِي
وتَرَنَّمَتْ فِي دَاخِلِي وتَفَاعَلَتْ
وُرْقُ الحَنَـايَـا فِي الهَـوَى بِغِنَاءِ
وهَنِئْتُ، جَوُّ الغَمِّ أَصْبَحَ نَائِيًا
عَنِّي وجَوُّ الغِبْطِ صَارَ إِزَائِي...
حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)
"خواطر" ديوان الجدّ والهزل"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق