الاثنين، 21 سبتمبر 2020

وقفة بقلم هارون قراوة

 وقفة :

جاءتْ من بعيدٍ تدفعها ريحٌ جانحَةٌ نحو رصيفٍ مهجورٍ تنقشُ على صدره ساديةً للعبثِ، وتثيرُ الفتنةَ في مرجلٍ يغفو في غفلة الزمن ...وها وحوشُ الذكريات مدجَّجةٌ بزنابير مبرمجةٍ وأنياب - ماموثاتٍ - عصور الوجعِ : تقف على ربوةِ الرّوحِ المتعبةِ تناوشُ حاضرها ...تمزّقُ هدأتها القابعةَ في بعض زوايا النسيانِ وتستنفرُ باقٍ من حنينٍ يرقد في الأعماق مستسلمًا.
...ويومض البرقُ كاشفا عوراتِ صمودٍ زائفٍ ، ومواقع لحرس من ورق وزجاج ٍّ ، فتهتزُّ أرضُ الحقيقة وتسقط آخر أوراق المقاومة الهشةِ فتترآى الروحُ مكبلةً تشرب صديد العودة المرّة ...وتمسح دموع الهزيمةِ ليلملم القلمُ شتاتهُ ناثرا حبره الداكن فيمتصه الحرفُ والكلمةُ الحبلى بالآهات والأنين....وإذا بالوجع مسجى بين السطور في شكل :« ....ها قد عدتُ إليكِ عدتُ بعد ان هدني الحلُّ والترحال ، ورفضتني الأودية والشعابُ ... عدتُ لألقيَ برأسي المثقل على صدركِ الرحب... لأحضن طيفكِ وأتنسم - كعهدي- ريحا منكِ طالما نفثتْ في شراييني جرعات مزاجها راحةًٌ وأمانٌ
عدت إليك من حيرةٍ تتقاذفني كرةً في ملاعب الغجر الى يقينِ عينيكِ أبحر فيهما الى جنة لا جوع فيها ولا نصب.
عدتُ ، وطالما خفتُ عودة تذكرني بحاضرٍ بطعم الحنظل والزقُّوم ، وواقع يغلفه ضباب التيهِ في بلد الأفاعي والضباع.
عدتُ : فهلَّا قبلة لا تلومني ، بل تزكيني ، ٱبتسامة تعمدني بماءِ الدفءِ يطهرُ واقعي ويزرع نورهُ : زورقا يتهادى في شراييني...
هلَّا كنت بوصلتي إذْ ٱهتز يقيني ، ويدا تمسحُ تجاعيدَ وجعٍ عشَّشَ فوق جبيني.....و.... »
أختم الرسالة وأمضيها ، وأتلمسُ خدي فأمسحه لأضيف أسفله بالحبر الصيني : « أمِي...ٱشتقتك إليك ...يا أمي....نعم يا أمي أنا متعب فضميني »
________________هارون قراوة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق