الأربعاء، 10 فبراير 2021

سجن الأفكار( الجزء الثاني عشر). للكاتب صلاح الشتيوي

 سجن الأفكار( الجزء الثاني عشر).

الكاتب صلاح الشتيوي
سكت "المعارض" برهة و هو يقلب بين يديه قلم حبر جاف وقال :عندما يسكت القلم يكثر الحديث، حين يرفض الكتابة يكثر الضجيج، رفض كتابة نهيق الحمير، فالنهيق لا ينفع ولا يدونه حتى الحمير، سكت القلم فكلامه ان سجله على الورق سيكون خطير.
مرض القلم فاستدعي الطبيب، فحصه وسأله ولا مجيب، سال اصحابه اجواره ما به ،قالوا انه سكت منذ بداية الانتخابات واعتصم ورفض الكتابة وتوقف عن الحديث.
كانت محبرة بجانب القلم تتثاءب تساءلت ما بالكم محتارين ألم تعلموا ان قلم الحبر حزين، لقد ملّ كتابة نشرات الاخبار للتلفاز ملّ كتابة عناوين الصحف ومعلقات الانتخابات، لقد ملّ النفاق وتمجيد الحزب وتأليه الزعيم وشتم الناجح وثلب السعيد وترك المعتدي والظالم بدون عقاب فأين العدل وسط كل هذا اللغط والخصام والعناق ولا ننسى النفاق.
واصلت المحبرة حديثها فعددت خصال القلم وقالت إنه جدي ولنفاق عدو ويرفض ان يملئ عليه ما يكتب لذا أضرب على الكتابة ورفض الحديث وتبادل الكلام.
قال الطبيب لقد شخصت المرض وحددت الدواء، يترك للقلم حريت الكتابة والتعبير ولا يتدخل أحد في ما يكتبه ويراه صحيح فهو يرفض كتابة نهيق الحمير ودجل الدجالين و نفاق المنافقين وصياح المغامرين فاتركوه ما يراه صالحا عسى بكتابات تشفى الامة وتستعيد عافيتها وتستفيق اتركوه يكتب بنخوة وعزة فبعزة القلم ترتفع الامة ان اردتم شفائه اتركوه يكتب.
فرح القلم وانتفض من مكانه وارتمى وسط المحبرة وهو سعيد، تناثر الحبر من قوة السقوط فلم يجد القلم حبرا لاستئناف الكتابة او إضافة تعليق.
ويظل القلم هو الملاذ الاخير ليطلق صرخة تعبر عن ضمير الشرفاء والناس الكادحين المتعبين‎، نام القلم وضاعت بنومه الاف من الافكار والاساطير، ونام معه الكتاب والعشاق وانتهى نور الشمس واختفى في الافق البعيد.
امتلكتني حكة الكتابة فكيف أشفى منها وليس لي قلم لأكشطها به، فقلمي نام نوما عميق ،سيستيقظ يوم تموت الحمير وينتهي الدجل ونعيق الغربان فوق الصخور ويصبح على زقزقة العصافير.
واصل صديقنا المعارض حديثه معبرا عن حبه لوطنه فقال:
وطن، كلمة تنطقها فتخرج من فيك بصدق فتعبرعن حبك لوطنك، كما تخرج كذبا ونفاقا بدون شعور فتكشف غدرك لوطنك، هاته الكلمة وطن لها مفهوم عظيم ، الوطن فهو الفضاء الجميل الذي يجمعنا في رقعة واحدة بارضه وسماه وهواه ، هو الجبل هو البحر هو ضل الشمس واشعتها هو الرياح هو الرعد هو الامطار و الاودية هو المراعي والغابات هو نسمات الهواء العليل، انه المكان الواسع الذي نسعد عند العودة اليه، انه المكان الذي يجمعنا اناثا وذكورا صغارا كبارا شبابا وشيبا هو مستقبل احفادنا وميراث اجدادنا ،فالوطن ليس حروف او كلمة انه اعظم من ذلك ، ان حب الوطن فطري يبدا بحب الطفل الصغير لامه ثم لبيته فالحي ثم المدينة فالوطن كله.
حب الوطن وفخر الانتساب اليه والاعتزاز به يفرض علينا المحافظة غلى استقراره الامني و الغذائي وحمايته من المتطرفين واصحاب القلوب الضعيفة والمريضة، من يحب وطنه عليه ان يساهم في الارتقاء به الى اعلى مستوى من التقدم في العلوم والابحاث والعمل بضمير وتطوير سبل الانتاج،ان انتمائنا الى هذا الوطن العزيز يفرض علينا ترك مشاكلنا السياسية واطماعنا للفوز بالمناصب وحب الكراسي و التفكير جيدا في إنقاذ الوطن مما هو فيه من فوضى وركود و اعداد برامج هادفة وناجحة لتنمية الوطن علينا ان ﻻ ننسى من سالت دمائهم من اجل استقلال البلاد و من دافع عن وطنه من الارهاب وانتقل شهيدا الى جوار ربه، ﻻ ننسى كل من احب الوطن ولن نسكت ونغلق اعيننا عن كل من خان وباع ، وحطم البلاد و زرع فيها الخراب، سوف يكتب التاريخ كل من باع البلاد واضر باقتصادها وحطم مستقبل اجيال ،اني اسمع قهقهة سراق وطني، ﻻ تفرحوا فلكل ناهبا لوطني نهاية وخزي ومهانة فتراب وطني ﻻ يقبل من غدر وخان .
حب الوطن لا يمكن وصفه حب الوطن شعور ﻻ يمكنني وصفه، ﻻ أستطيع حقا رسمه، فهو ﻻ يوصف ﻻ يرسم انه كرائحة المسك تشعر بها ولا تراها، تنتشي بها ولا يمكنك تفسير او وصف هذا الشعور انه حب وحب فقط، أنك تحبه بدون مقابل، تحبه مهما تغيرت الظروف، في الحرب والسلم، في العسر واليسر.
تراب وطني مسك وعنبر كلما كتبت عنك احببتك أكثر واخاف ان يغار منك من احببته بعدك وقبلك.
وطني لا يركع وطني ﻻ يركع وطني سيصمد ويصمد رغم كل التيارات التي تعبث به، سيسبح مهما كانت الامواج متلاطمة قوية فوطني صلب ﻻ ينقسم، وطني تحمل كل الاعاصير في كل الفصول وصمد ولم ينكسر انه وطن اجدادي ومستقبل احفادي فلن ينحني ولن ينكسر، وطني اغنية جميلة، غني بأرضه وبحره وطني ثري بتمره وزيته وطني عزيز علي برجاله ونسائه وجنده، وطني حضارة وتاريخ،وطني زيتونة، وطني نخلة، وطني برتقالة، وطني رمانة، وطني وردة،وردة زرعها اجدادي وقطفها أبنائي وتعطر بها احفادي.
لماذا تغيرت يا وطنا احببته؟ لماذا صار العيش فيك جحيما؟ لماذا يا وطني بشهادتي وعلمي اتهمش؟ لماذا يا وطني انت غني وانا اتسول؟يا وطني لا أجد ثمن الدواء لمرضي؟ لا أجد كراسا لابني؟ لا أجد بيتا لزوجي ؟لا أجد فراشا لجدي؟ لا أجد ماءا لتمرير ريقي في حلقي؟ عفوا وطني وجدت الماء وتركتك ، وجدته ازرق وجدته مرا علقم ابتلعته
وانتفخ بطني وانا أغرق وكلنا نغرق. احبك وطني، احبك وطني وانا اموت في بحرك فانت غنيا وانا مت فقيرا في بطنك.
صاحت امي وبكت لطمت وسقطت على ارضك وسالتك اين ابني؟ اجبها يا وطني، اعلمها أنى مت من اجلها من اجل دواء فقد في بلدي، اجبها باني مت من اجل عمل شريف فقد في بلدي، اجبها وامسح دموعها واعلمها ان ابنها مات من اجل خبز حلال في بطنه، اعلمها بأنهم وعدوه، ووعدوه، ووعدوه حتى دمروا الامل فيه وقتلوه، ارحمها يا وطني، واجبها لماذا رحلت، ارقها النوم فاجبها لماذا انت غني وانا" احرق" فلا تخجل. اجبها ان من يحكموك قتلوا النخل وسرقوا تمره، اجبها يا وطني انهم حرقوا الزيتون وباعوا زيته أخبرها أنى احبك دوما حتى وانا أغرق.
يتبع...
Peut être une image de 1 personne

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق