الجمعة، 16 أكتوبر 2020

ملحمة هودج العشق بقلم ماجدة رجب

 ملحمة...

هودج العشق
حمامة زرقاء
تطلّ من أعلى السّطح
وليل يعاتب بقيّة نهار
فيطفئ الصّدى
ويصمت الحديث
وكذا حدائق الذّاكرة المقتولة
بين جحافل العمر
فهل كانت الحمامة سعيدة
وهي تغنّي للنّار...
للدّخان...
للماء والطّين
أم أنّها تحوم في خرائط اللّهفة
بوردة من رماد
أهي تنتظر انبلاج الصّبح
لتغتسل من الدّخان
ولتدخل أبراج البحر
وتترشّف شايها في سفر محارة
داعبها نسيم الأمسيات.....
.............
لا أكتب قصيدة الآن
ولكنّي أعاند سرب حمام يعبر
ليرسم زهرة على شفتي
وجسدي...تثقله غيوم وحكايات
أمشي ....
و أطوي الكلمات...
فلمَ لا تكون القصيدة هي كلامي المتّقد
حين يعود مرتجفا...
...................
إنّي لا أعلن ارتحالا
فارتحالي بات مكتوما
بتخثّر دمي
حين أرهق خلاياها كتمان مرّ....
...باتّساع الرّيح ناديته....
إلى المطر نمضي.....
إلى مطر الأغنيات
اسمك بات مرسوما
داخل تفاصيلي
خارج تفاصيلي
على بطاقات البريد
فهل لك أن تحتويني؟
أأبحث عنك داخل الأبراج
خارج الأبراج
كيف سأنهي قصيدتي المغلولة بجمر الكلمات.....
وأوّل الكلام حمامة زرقاء
وآخر الكلام يمامة
تشبه غزالة شرسة
وهل تسكن الشّراسة جسم غزالة
أم أنّ المطر النّادر زخّ براريها
فصاحت ترثي جمالها
و زمانها....
............................
ألم تكن حمامتي غزالة
و سلطانة تغزل قصص الهوى
لتعشق طائرا يغرّد
يغرّد النّار
والدّخان و يغنّي
ليعشق الحياة
حياة مغلولة بموت
يغطّيها نسغ غبار
هل أنّك أيّها الطّائر مرشّح للخوف؟
للمآتم؟
أم أنّك تحتفل بفصل خامس؟
قد يدوّن تاريخك
..................................
انظر إلى الماء كيف يسري
و إلى العاصفة كيف تهدأ
و إلى الظّلام
أيّها الطّائر..
اطرد ذاك العطش العقيم
وتلحّف بنور من روح الثّلج
تمرّد على الرّيح
على العشب
تنصّل من حطام الذّكريات
واجمع بقايا زهرتك
واعبر...
صفحة ماء...
قمرا...
أوراق خُضر
سنابل تتوهّج
أمواج تشتعل
تطفئها ريشات طيور عجّز
انتفض
فالغزالة عادت
اخرج من جسدك
إلى جسد لا يشبهك
فجسدك بات يتيما
هزيلا
تحدّ..
...هذي قرنفلة الحبّ أهديك
تنمو على جبينك
تنمو على التمرّد
أقسم بالورد المندّى
بكلمات تتبدّد
ملتهبة......
أقسم بالسّحاب
بالمطر....
بالحصى....
بجحافل التّراب ....
إنّي أهديك آسة الحبّ المؤبّد
ازرعها على أكفّ المستحيل
أروها ودّا
كي ينتحر القحط
ستفوح رائحة التّراب
وتشمّ عبق الياسمين
والبرتقال
وينتشر الزّنبق
وشقائق النّعمان
بكلّ شبر....
أيا حمامة
ارفعي الحصار
فالعنادل على رؤوسها بذر لقاح
يقتّل الموت
ويتوّج هودج العشق
يا زمنا لولبيّا
استمع إلى آخر ترنّحات جسدي
فهو ينتحب ثمرا مشتهى
ترعف له الدّيدان
ويتلوّث به التّراب
وتغضب منه الأرض والرّيح
..ها أنا .أشدّ على فوهة شرياني الأبهر
آسة من آسات كنت أهديتني
فنمت على بحري
...و.امتزج قهري بخجلي
وحبّي بندمي
وشقّ لون الحمامة أضلعي
فنبتت خناجر جدد
قتلت الخجل
وكذا النّدم
...أليس هسيس العناق عاد ليسري
و عادت للقلب روح ودبّت
و حاورت اللّيل....
فانحنى لها مبتسما
فضحكت أشياؤنا
وضحكت أشيائي أكثر
وصحنا صياحا نبيلا
في العراء
هناك
عتقنا أغان حبيسة في الحناجر
و اختلسنا حلما جميلا
وعمرا جديدا
ثمّ تفيّأنا بالصّمت طويلا
وكثيرا
إلى أن عادت الذّاكرة تنزف مطرا
ماجدة رجب ــ تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق