بين الأمس واليوم
وجدتني على مدى سنوات وحيدا أسكن الفراغ ويسكنني. وألفت الصّمت وألفني. أقصى ما أقوله السّلام فبتّ بالسّلام أعرف. تشكّلت شكلا واحدا ولونا لا ثاني معه فتمثّلت الصّنم والألواح المنحوتة. وتمرّ من حولي الأعراس كما الجنائز فلا تصبغ فيّ لا رقصة ولا دمعة ولا حتّى مجرّد بسمة تنبئ بأنّ لي مشاعر تتحفّز لما يجول في وسطي أو مدينتي.. أتراني ميّتا بين أحياء نسوا دفني أم أنّي حيّ أرزق ماتت في الحياة؟ أم ترى الحياة حيواة وأنا أتصنّف أبسلها ؟ يحثّني ما بقي فيّ من رمق أن أجاري الأحياء من حولي فلا تنبعث من جمجمتي إشارات ولا يسري في عروقي دم الحياة. حتّى البكاء على حالتي لا أستطيعه. الصّباح كالمساء والبرد مثله الحرّ فجسدي تكلّس وسيولي جفّت. وها البركان فيّ يعرّقني وتسري فيّ حرارة تجعل منّي كائنا مثل البشر أو تعيدني إلى خلقي الأوّل تسكنني مشاعر وتضيء من حولي الظّلمة. فابتسم ثغري وتحرّك لساني يلعق ريقي الّذي أوشك أن يجفّ..وامتدّت يدي تلامس الحياة وتهجر السّكون البائد فعوّضت تحيّة افتقدت روحها وعنوانها ..ورحلت بي قدماي تجوب تضاريس الحياة ونبضات القلب الجديدة كأنّها السّجين أفرج عنه لتوّه فخرج في نزهة ليس لها حدّ . وانبعثت إشارات القلب والعقل تسطّر لي فعلي وسكوني . هذا البركان روح انبعثت في أعماقي وأزال كومة الجليد الّتي جثمت على أنفاسي واستأصلت دمي . هذا البركان أخصب مشاعري فأنبتت كلّ الّذي به سأعيش بعيدا عن الفراغ والخواء..وأسبح بفضله ببن النّجوم حتّى الرّدى . هذا البركان هو أنت بنيّتي فظلّي سعيدة و اغنمي من الدّنيا صفاءها وحلاوتها قبقدومك إلى الحياة عادت إليّ الحياة.
رشدي الخميري/ جندوبة /تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق