ملحمة شعرية بعنوان/ لوغاريتمات
للشاعر الفلسطيني: هاشم شلولة
لم أسافر من مكاني
لم أحررني مني
بقيت رهيني
وفي صُحُف عزلتي مكتوباً في السطور الأولى
بقيت في اللابقاء
واللاوجود دفين الوجود
هنا في جرّة اللاهنا وحدي
في الكدر الصاخب
واللامنطق هو منطقي وحده
وحده كوحدي
كلانا وحيد في الزحام
هو في زحام المنطق
وأنا في زحام الموتى
أنا اثنان في واحد
أو تلاثة
أربعة
أو أربعون
ملحد في ديني
فقير في أرستقراطي
ميت في عقر الحياة
شاعر في جلاد
متشرد في فتى في السادسة عشر يبكي على لعبة
أنا مُثناي
وعازفني الحزين
الغيم الذي لا يمطر
وأنين الأنين
أنا لص القصيدة السوداء
في كل يومٍ قيامة
في كل يوم من سماء الوقت غمامة
وقتل يمامة بيضاء
زرقاء
أو أي لون من ألوان التصالح والسلام
تُقبر الأيام صباحاتي
والحوارات
تاركة حروباً في حروبي
لماذا يا أنا لست أنا من أنا!
لا أعرف المعنى وليد الضوء
لا أعرف المعنى حبيس النور
لا أعرف أني أعرف
لا أعرف أني أعرف عدم معرفتي
لا أعرفني
لكني أعرف خطاياي
تعذيبي بي
والصلب الدامي لي وبي
أنا أجهلني
ومرادفات الغيم الماطر
والأمل المخفي في إلهي المرسوم بأناملي
حاولت سألهِ عني
ليقول لافظني بقوة وِقع الأبجديات
من أنت لتكون أنت؟
لا أنا لك
لا هوية
لا حضور
ولا حياة
لا مفردة ترتأيك أيها الضائع ببن همسات الحروف
أيها الأعمى
نادتك معاناة المعري في النهار
رافقك صبر أيوب حتى السأم
سأم الرفقة
تجمد الزمان في الزمان
وتراكم المكان في المكان
أنا يا أنا صوت إختناق
ورؤى شهوة مشوهة
قد ضلتني اللغة عني بالشِعر
بالحروف اليتيمة
والقصائد التي تُعَّمِق جرحي الأبدي
صالحتني مع الدمار
ونار الوهم
واللاسبيل المُؤدي لموتي من تراكم الملح فوق الجروح
نرسيس مثلي مسكين
مثلي حزين
بكى نفسه مثلي
بكى لاروب كَبُكِيِّ امرأة شرقية غادرتني
وورطته في سره كورطتي بالحياة
ليس جميلاً كأنا القبيح
لعن مرآته كلعناتي اليومية لظلي
يا حبيبي يا نرسيس
قطّع قماش الزمان وعُد
عُد لتؤنسني
فلا أنيس لي
حتى الظل كما تعتقد الأبجدية الخرقاء
فأنا ظلي
وذُلي
لا ضماد لجرحي طويل العمر إلا عودتك
عُد يا نرسيس عد
عُد يا شبيهي عد
خانتني كل المرافئ
كل المنافي
الزبرجد والزمرد
ماتا فيهما الألوان حين عثرت عليهما
في صحراء الكلام العابر
يا وجه حدسي المشوه
ارتدي قناع يتيم
لا تنجب معنى أو تشبيه
يا فمه ذليق اللسان
كُف عن الكلام
كُف عن قتلي والملام
يا نبي الكنايات
الصمت نبوءة الشاعر المهزوم
لا تُبشر بولادة آيات مجاز جديدة
كم يا أنا بحاجةٍ لك كحاجة الأحياء للعدم؟
هناك من قالوا لي بأن الحياة حياة
أيمكن أن تكون الحياة حياة ؟
أيمكن أن أكون ؟
فقط أن أكون
لو سطر بلا نقطة
أو نقطة بلا سطر
مطر بلا غيمة سوداء
أو غيمة لا لون لها بلا مطر
بهذه البساطة أيها البلهاء
إني أؤمن أن لا حياة هنا كإيماني المعدوم بإمكانية الأنا
يا لصوتك المزعج أيها الشاعر المسكين!
في تصريحك العدمي
عديم الإيمان بالإيمان
يا لإلتصاقك في وحل الغروب سليط اللسان!
سوداء يا بيضاويتي سوداء
كم قاتلت لألا أكون على هامش الشعراء
وعلى هامش الأحياء!
ليس طمعاً في عائدٍ لقصيدةٍ شرطاء
ولا حباً لولوجي في بواتق الشعر المريضة
ولا هتافات الموتى بجماليات الحياة
لكن لألا أجرف الشعر عن الشعر
فلا أنيس لي في محياي العتيق سواه
ولا مرض يواسيني بورطة الحياة سوى الحياة
يا عبير اللازوق اطرد الجرح الوسيع من الجرح
واصنع لي مناجاة جديدة
استهلكتُ أسماء القداسة كلها
واستهلكتني
يا سماء اللازود النقية أمطري لغة جديدة
فيها نقاء وانتقاء
وشكوى بلا نحيب حيادية
عنوانها
ما أشهى الحياة!
فما أطول مرارتها!
وما أصعب موقف الأمنيات!
الأغنيات تائهة وفي عزلة معنا
بلا موسيقى
ونحن مُغَنُّوها المنسوخين في أساطير الوجود
يا سيدتي اتركيني
أُسائل الأقدار عن مصيري
ونهايات اللعبة الحياة
كيف أنهيها؟
متى؟
وأين؟
وكيف أؤقت الأبدية البرقاء؟
يا قداستي
كُفي عن تلويثي
و بالفضيلة رسمي وتلويني
وكتابتي كقصيدة براقة
أجتث من إجتثاثي خفايا الحياة لأكملها
كي أرى سرد نهايتي
ونثر بدايتها الشريب لكل سوائل الأسئلة
لا طريق للطريق هنا
لا درب
ولا سبيل
مات قابيل
لكن أسماؤه خبيئة المعنى الشريف لا زالت هديرة كشلال
كلحن أغنية عريقة
أو
العالم كله قابيل
والهوامش مثلي أخيه
أما الغراب فشيطنة ولصوصية العابرين
سارقي حق الهوامش وعقاب الفاعلين
إمسح أيها المسيح جروحنا
نريد أن نشفى من داء البحث عن دواء الإجابات
تحرر من صلبيك
والتمسني عذراً
استمحي الطغاة بي
استدعي العذراء أمك من خلودها
والصق اتهاماتها من قومها بالرذيلة بي
كيف يا صمت السماء أكون رذيلاً ؟
كيف ؟
كيف ؟
ألا يكفي خلو حوصلتي من الخطايا بالإمتلاء بها؟
ألا يكفي لمعان سجيتي كل هذا التلوث ؟
ما الذي يكفي كينونتي كي لا تكون هي ؟
لا صلاة لي تمحي أناي القديمة
لا قربان
ولا حبل يخنق الماضي
أنا نهاية ظلي العادي
ليت أمي أمك يا جلجامش
لأسترق من الخطايا ما أريد استراقه
والصق بي منها ما أريد إلتصاقه
عودي يا نيسون عودي
عودي يا أم جلجامش عودي
لأستعيد الصفة طريدة الطهارة البلهاء من ظل المسافرين
لا مكان لي على النوافذ المطلة على الأنهر الخطاءة
أريد أن أنبت المعنى السخيف في أصيص شِعري
لا لأن يقرأ القُرّاء
ولا لأن يُعجب شِعري المنتظرين في صالة الإنتظار
بل لأخرج عن نمطيتي
رفيقة الشغف المقيت
وأجني قليلاً من القليل من النقود
لأكمل ثمن النبيذ الذي يحتاجني
كحاجتي لبسمة من الموت الذائب في حقائب الغرباء
الطريق تذبيه الطريق
يا أيهذي الطرافة
اسكبي فوق قساوتي شيئاً من قساوتكِ
أو
سؤالاً وجودياً يُفضي إلى دحض ديناميكية الحياة النوكاء
نَحّوَ
كيف للعدم الرضى عنا وعن محايلتنا للنهاية؟
كيف للكيف أن يكون ؟
ألا يكفي العذاب ؟
ألا يكفي السراب ؟
ألا تكفي بقاياي لحشو ما تبقى من ثقوب الكون بلا ظلم فارغة فاغرة ؟
أيها الانبياء
عودوا لطرد العبارات شبيهة المعنى من المعنى
لألا تُراق دمانا هكذا
ولا يدعنا الطغاة طرائح في أشواكِ العالمين
أيها الفلاسفة
استفيقوا من خلودكم
لنُكمل الاقتراحات التي ستطحن الإبهام
وتفك عقدة اللغز الأبدي
عقدة الآلام
استفيقوا من خلودكم
استفيقوا
ليتني لم أكن ابنك يا أبي
ليتني أبوك
أو أبو أبوك
في الفجر
في الصلاة المجهولة
في الذهاب للسوق والإياب بلا سبب
في الأمراض النفسية والعقلية المتوارثة
لألا أعيشني أو أعايشني
أو لا أكون ظلي الظليل
العليل
القليل
ليس لي أمسي ولا يومي
ليس لي حاضر أو حضور
حتى اسمي وموج البحر الهائج ليس لي
وابتسامة البنت الاسبانية الخلاسية
من أنا يا أنا في زحام الأناة ؟
في صدر المنازل المهجورة
في الأسباب
وحوداث النساء العربيات العاطفية
اسخيليوس ليس حقيقياً كما تعتقد الأسماء والأرقام
بل كانت الأقنعة تختبئ خلفه
لا يختبئ خلفها
أو تراجيديته التي زرعتها به أثينا
اسخيليوس حزين
أو ليس حزين
ربما سرقه الكبت من الرحم
أو عادة أثينية بلهاء
أو صفعته على وجهه أسطورة
اسخيليوس ندبة في قلب الحزاني والتائهين
اسخيليوس حزين
اسخيليوس حزين
لم أجد نقطة بعد
ولن أجد
ولن تجدني النقاط صديقة التواري من الإيجاد
لن أجدني
لن أجدني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق