
طاهر مشي مع Mohammed Turki.
مقدمة
مقدمة لديوان*جوهرة القلوب*
للشاعر التونسي *طاهر مشي*
إنّ قوارير الطِّيب إنّما تغلو بقدرِ ما فيها من عِطْر، والعِطْرُ يغلو مع نـَدْرَة الزَّهْر الذي استخلص منه، أفرأيتَ إلى قارورة من ذهب خالص مُلِئت بأغلى العطور؟
بين يَدَيَّ الآن ما هو أثمن من أيّ قارورة طيب، إنـّه ديوانٌ "جوهرة القلوب"، تقرأ فيه شعراً بلغة سليمة مُشرقة، شعراً مُتألِّق القَسَمات، فتّان الرُّواءِ، يتيه بأبراد موشّاةٍ بأروعِ الصُّوَر، تُحِسُّ معها صنعة مَنْ يتذوّق الجمال، ويُحسن اختيار الألفاظ، وتشتمُّ - وأنت تقرؤه - شَذا الرَّيْحان، وعَبَق النَّرْجِس، وأرِيج الياسمين.
إنـّه ديوان جديد، ديوانُ للأخ الفاضل والشاعر التونسي*طاهر مشي* الشعرٍ فيه مميز السِّمات، في نشْرِهِ فخرٌ للعربيّة أيُّ فخر، وهو لعشّاقه خمر، وأية خمر تُسْكِرُ بلا غَوْل ولا إثم؟
هذا هو ديوان "جوهرة القلوب" لشاعر تونس الخضراء، وذُخْرِ العربيّة الجليل: الأستاذ طاهر مشي
لقد امتاز الشعر في هذا الديوان بصفات بَوَّأته المكانة الرفيعة التّي يحتلّها اليوم بين شعراء العربيّة، وهو الّذي أغنى الأدباء والنُّقّاد بشعره عن تعريف الشّعر وبيان حقيقته، فحدّد بنفسه معالمه، ووصف سماته، وعَدَّدَ بواعثه، مُشيداً بالنبيل من غاياته ومقاصده،
إن شعر طاهر المشي متعدّدُ الأغراض، متنوع المقاصد، وديوانه سِجِلّ حافل بمختلف المقاصد والأغراض، فمن شعر الوجدان والتّغنّي بالأشواق بعبير الريحان إلى وصف الطَّبيعة ورسم الظِّلال، ومن شعر الغَزَل ووصف مختلف النّوازع إلى دفقات قلب مليء بالحنين والأشواق .
والشَّاعر في ديوانه واضح الاتّجاه في الدعوة إلى التَّمَسُّك بمبادئ الإسلام، شديد الاعتزاز بقومه والفخر بعروبته. تراه في الكثير من شعره يتغنّى بمحبّة وطنه، وهو يستحثّ في قصائده الغراء قراءه باستجلاء معالم ومكنونات قلبه العاشق الولهان ومسايرة العواطف الجياشة لكل حبيب أينما كان.
هذا هو الشّاعر الفذ ابن الخضراء*الطاهر مشي*، الّذي أولى (تونس) الخالدة الحُبَّ كُلّه، وهذه هي قصائده بجمالها ومفاتنها تَزينها غِلالة من حبّ الشاعر وإعجابه.
إنّ الشعر في ديوان*جوهرة القلوب*....... نموذج حديث للشّعر الأصيل في ألفاظه المنتقاة، ولغته المشرقة، وأسلوبه القويم، وجَرْسه المطرب. وشعره في ( الوجدانيات) خير دليل على ما حبا الله الشاعر من رهافة الحس، ورِقَّة الُّشعُور، وتذوُّق للجمال، ودليل ناصع على ما يملكه الشّاعر من أدوات استطاع معها الإبداع في وصف الجمال وتصوير ما يفعله في نفوس المحبين.
- قراءة في مقتطفات من قصائد الديوان
· الحب عند الشاعر
من الموروث الإنساني أن يربط الشاعر بين فن الشعر والوجدان كوسيلة هادئة للخروج من ألم المعاناة النفسية وهاهو يقدم علاجه الأمثل " عقار الحب " فهو العقار الوحيد القادر على أخراج الانسان من محنه.
فيقول مثلا في قصيدة * سَأَظَلّ أُحبّك*
سَأَظَلّ أُحبّك وَإلَيْك أَشْتَاق
خَفَقَ الفُؤَاد ولَوْعَتي فيهَا أَلَم
وَانْتَشَت دُمُوعي في الأَحْدَاق
تَرْثي الحَبيب المهَاجر مُنْذُ زَمَن...
فنظرة الشاعر للحب هي نظرة فلسفية بسيطة بقدر ما تحتوى من الشمولية الرائعة بمحتواها الايجابي والسلبي المتناقضين معا: والحب لديه معهدا حيث لا يدرس فيه كل من يشاء ..لان دروس هذا المعهد تتضمن المتناقضين الحادين الفرح والحزن معا وهذه هي قوة الحب حيث يمكن التأرجح بين هذين المتناقضين في أي لحظة .
· معاناة الشاعر
يصعب على شاعرنا اعتقال شروده المستمر، مع سيجارته الأخيرة. فتبحر معها على مهل لينتظر شهقة حبيبته بصدر عابر ليل قتله الغرام بلهيب الزفرات. فيتأمل بدوره خلاص أحلامه، على صهوة قمر أو نجمة مسافرة. أو حتى نيزك فضائي يسقطه بشغاف قلبه …فيطير نحو الأمل بشروده.. وبأرق أمنياته
ولقد عبر الشاعر عن تلك المعاناة النفسية بقصيده " سيجارتي الأخيرة"
أشعلت سيجارتي الأخيرة
نفثت آخر الشذرات
وتتالت الكلمات
تؤانس العبرات
قالت: قتلتني يا غرامي بلهيب الزفرات
قلت: بل أنا من مات يا سيدتي شهيدا
من أرق الأمنيات
هذه مجرد لمحة على كتابات شاعرنا الهمام، ومن يغوص في خفايا ومضمون كتاباته سيجد الكثير من المتعة والإبداع، وكان قلمه مدرارا حيث يتجدد معنى الحرف والكتابة في كل مواضيع الشاعر، وما أزال أغوص معكم لاكتشاف مكامن الروعة والجمال في ديوان الشاعر طاهر مشي.
حفظ الله (شاعرنا الطاهر مشي) ذُخْراً للضّاد أمّ اللغات
وحفظ الله (تونس مصدراً للحُبّ والإلهْام).
بقلم العاشق لحروف الأخ *طاهر مشي
الكاتب والشاعر*محمد أنور التركي*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق