مقالة نقدية: [في القصة القصيرة و... جدا]
..إذا اعتبرنا الرواية واقعا ممزوجا بخيال، فالقصة خيال ممزوج بواقع.
في الأولى يأخذ الكاتب الواقع نصا حكائيا مصبوغا بمخيلة، وفي الثانية يأخذ المخيلة نصا حكائيا مصبوغا بواقعية.
أو بمعنى أدق، إذا كان الروائي يسحبنا من الواقع للخيال، فنحسب من رواية واقعية بأنها خيالية، فالقاص عكسه يسحبنا من الخيال للواقع ليقنعنا بأن القصة الخيالية هي واقعية.
هذا لنفرق بين الرواية والقصة الطويلتين، وبين الروائي والقاص.
ولنفرق بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا، بالقفلة نفرق بينهما، فإذا كانت الأولى من صفاتها الإختزال والتكثيف والقفلة، فهذه الأخيرة هي عبارة عن قفلة مختزلة مكثفة.
الإختزال هو الإحتفاظ بجمل منظمة دونما إطناب ، والتكثيف تضييق الخناق على الحرف حتى يتحول من سحاب لجماد، بعيدا عن الشرح والوصف، والتشبيه المبالغ فيه، وعن كل حوار بثرثرة حد الإستغناء عنه، وعن تقليص الشخصيات حتى يصبح الواحد هو الكل، والكل واحد، ثم القفلة هي تلخيص لما ينبغي قوله بمختصر مفيد، بحيث إذا كانت القصة القصيرة بابا لفكرة، فالقاص يقفله بقفل ويلقي بالمفتاح إلى أن يعثر عليه قارئ جيد.
..هذا نموذج ينبغي للحكام الذين يوزعون الجوائز وضعه فوق الطاولة وقت الفرز.
..لا يحتاج القارئ لشرح داخل قصة لأنه أحوج لعقدة لا للحل، العقدة تكون بيد القاص والحل بيد القارئ، لا كما الرواية تكون كلتاهما بيد الروائي، كما لا يفيد الوصف الخارجي في القصة، فبمجرد ذكر الشيئ تظهر صورته، كالزيادة مثلا في وصف شكل الشخصية المحورية من شعرها لأخمص قدميها، والوصف لا يجوز إلا في الرواية.
والقصة القصيرة تظهر شكلا بشخصية واحدة، إلا أنها تحكي عن واحد من الكل، والحوار فيها داخليا، وقد لا يكون..!
وكلما اخترقت القصة القصيرة الإختزال والتكثيف والقفلة، فهي مؤهلة لتصبح قصة طويلة، يفترض على القاص إخراجها في حلة كتاب، لا كمجموعة في كتاب.
كما يفترض على حكام المنصات كتابة الرواية والقصة الطويلة والقصيرة والقصيرة جدا، قبل الصعود للمنصة.
هذا لو استطاعوا التفريق، والتمييز، وتوفرت لديهم ملكة الفرز.
_حسين الباز/المغرب_
..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق